الخميس، 7 يناير 2010

المسؤولية التقصيرية لعديم التمييز دراسة مقارنة

الملخص

لقد درست في رسالتي هذه المسؤولية التقصيرية لعديم التمييز، وذلك بعد أن تعرضت في الفصل الأول لموضوع أسباب انعدام التمييز في مجلة الأحكام العدلية والقوانين الوضعية، حيث تناولت فيه بالدراسة أسباب انعدام التمييز من صغر في السن وجنون وعته وسفه وهي حالات قد نصت عليها أحكام المجلة وأحكام القوانين المدنية الوضعية على حد سواء، بالإضافة إلى ما نصت عليه مجلة الأحكام العدلية من حالات أخرى إضافية إلى تلك التي وردت في القوانين المدنية الوضعية وهي الدَين ومرض الموت والإكراه والإغماء والنوم والسكر، وقد أجريت مقارنة بين نظام عوارض الأهلية وما تضمنه من أسباب وأحكام في مجلة الأحكام العدلية من ناحية وما تضمنه من أسباب وأحكام في القوانين المدنية الوضعية من ناحية أخرى، وقد توصلت إلى عدة نتائج أهمها أن مجلة الأحكام العدلية لم تعطِ معيارا واضحا للحكم فيما إذا كان الشخص مجنونا جنونا مطبقا أم لا، واقترحت أنه يجب الأخذ بالرأي الفني الطبي كمعيار لتحري الأمراض المؤثرة في العقل وأن لا يترك ذلك إلى النصوص والقواعد القانونية المجردة، كما توصلت إلى أن نظام عوارض الأهلية في القوانين المدنية الوضعية مشوب بالقصور، وأن هناك حالات ينعدم فيها التمييز أو يفسد فيها التدبير دون أن يكون نظام عوارض الأهلية بقادر على تغطيتها، ومثالها حالة السكر، وقد اقترحت نصا قانونيا يمكن بموجبه تقرير الحالات التي ينعدم فيها التمييز بصورة أكثر شمولية.

وقد خصصت الفصل الثاني لموضوع مدى مسؤولية عديم التمييز في القانون المدني المصري، وفي هذا الصدد وجدت أن القانون المدني المصري قد أخذ بفكرة الخطأ لقيام المسؤولية التقصيرية، وأن الأصل في القانون المصري هو انتفاء مسؤولية عديم التمييز، إلا في أحوال استثنائية، وأن هذه الأحوال الاستثنائية لا تكفي لتحقيق العدالة، وبالتالي كان من الأجدى أن ينص القانون المدني المصري على المسؤولية الكاملة لعديم التمييز عن أفعاله الضارة. ومن ناحية أخرى بحثت في هذا الفصل الأساس الفقهي والنظريات المختلفة التي تقوم عليها مسؤولية عديم التمييز في القانون المدني الفرنسي لتأثر القانون المدني المصري به، وقد تتبعت التطور الحاصل بشأن أحكام هذه المسؤولية في القانون المدني الفرنسي متلمساً مدى تأثر القانون المدني المصري بالمدارس الفقهية الفرنسية ونظرياتها وكان ذلك واضحا في شروحات الفقهاء المصريين، وفي نهاية هذا الفصل وجدت أن نظرية تحمل التبعة التي قال بها معظم الفقه المصري تبقى هي الأساس القانوني لمسؤولية عديم التمييز التي تضمنها نص المادة (164/2) من القانون المدني المصري.

أما الفصل الثالث فقد خصصته لموضوع مدى مسؤولية عديم التمييز في فقه الشريعة الإسلامية وفي القانون المدني الأردني، حيث بحثت في موقف فقه الشريعة الإسلامية من مسؤولية عديم التمييز، وذلك في ضوء القاعدتين الهامتين اللتين جاء بهما الفقه الإسلامي الحنيف وهما المباشرة والتسبب، متعرضا في ذلك لتعريفات المباشرة والتسبب ومدى مطابقة أحكامهما على عديم التمييز، وقد وجدت أن هناك اتجاهين الأول منهما يرى بقيام مسؤولية عديم التمييز في حالة التسبب والثاني يرى بأن مسؤولية عديم التمييز لا تقوم في حالة التسبب، وخلصت بعد البحث إلى أنه يجب الأخذ بالاتجاه القائل بضرورة تقرير مسؤولية عديم التمييز عما يأتيه من أفعال ضارة بالغير، يستوي في ذلك كونه مباشرا أو متسببا. كما تعرضت في هذا الفصل لموقف القانون المدني الأردني من مسؤولية عديم التمييز، وذلك بدراسة النصوص القانونية التي تحكم هذه المسؤولية وما تضمنته هذه النصوص من أحكام، مقارنا هذه النصوص بمثيلاتها في القوانين المدنية العربية، ومن ثم وجهت بعض النقد من ناحية الصياغة لبعض النصوص القانونية التي تحكم مسؤولية عديم التمييز في هذا القانون. وفي نهاية هذا الفصل تعرضت للأساس القانوني لمسؤولية عديم التمييز في القانون المدني الأردني وذلك بدراسة نظرية الضمان في الفقه الإسلامي وأساسها من حيث أن الضرر هو أساس وجوب الضمان، متعرضا في الآونة ذاتها لأدلة وجوب الضمان في الشريعة الإسلامية ولمسؤولية عديم التمييز في ضوء المبادئ العامة في القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة.

وفي نهاية المطاف وضعت خاتمة سجلت فيها استنتاجاتي وآرائي المختلفة بشأن مسؤولية عديم التمييز في القانونين المدنيين المدروسين، بالإضافة إلى ما وضعته من نص مقترح بشأن تقرير الحالات التي ينعدم فيها التمييز في القوانين الوضعية.

النص الكامل

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق