الخميس، 7 يناير 2010

المسؤولية المدنية للطبيب

الملخص

الطب مهنة إنسانية وأخلاقية وعلمية مقدسة، لها أهميتها الدائمة وينشأ عنها علاقة ما بين المريض والطبيب، هي إنسانية بطبيعتها وقانونية تحتم على الطبيب الاهتمام بالمريض وعمل كل ما يلزم لعلاجه وبذل العناية التي تقتضيها مهنة الطب.

والمشرع الفلسطيني والأردني لم يتعرضا كغيرهما في معظم الدول العربية للمسؤولية الطبية بل تركوها للقواعد العامة في المسؤولية المدنية، وهي غير واضحة المعالم وخاصة في ظل التطور العلمي الحديث، وظهور الاختراعات والاكتشافات العلمية والطبية، وعدم وجود قوانين متخصصة في هذا الموضوع في الكثير من دولنا العربية حيث أن المريض الذي يعاني من الإصابة بخطأ طبي يصعب عليه أو حتى يستحيل عليه أحياناً الحصول على التعويض، والمسؤولية الطبية في ظل التقدم العلمي والفني في مجال الطب بهذا العصر، بدأت تأخذ أشكالاً مختلفة، وتبدو أهميتها الأساسية بأنها تتعامل مع أثمن شيء لدى الإنسان، وهي حياته، وفي ظل عدم وجود قواعد قانونية واضحة تعالج هذه المسألة المهمة وخاصة في فلسطين، حيث أنه لغاية هذه الايام لا يوجد قانون يضبط هذه المسألة أو يعالجها وخاصة مع كثرة الأخطاء الطبية المرتكبة من قبل الأطباء سواء في عياداتهم الشخصية أو في المستشفيات العامة والخاصة، ولقد تمت دراسة المسؤولية المدنية للطبيب بشكل تحليلي ومقارن مع العديد من المقابلات الشخصية من خلال فصلين.

وفي الفصل الأول تم تناول الطبيعة القانونية لمسؤولية الطبيب المدنية والمسؤولية العقدية والتقصيرية بشكل عام وأركان كل منهما، والاختلاف الحاصل في وجهات النظر القانونية حول تكييفها، فهنالك اتجاه يعتبرها مسؤولية تقصيرية وله حججه، وآخر يعتبرها عقدية وله حججه أيضاً، وعرضت ما استقر عليه الرأي قضاءً وفقهاً بما فيها قرار محكمة النقض الفرنسية بتاريخ 20/5/1936، اعتبرها مسؤولية عقدية بالأصل، وبالاستثناء مسؤولية تقصيرية، وبعد ذلك عرضت طبيعة المسؤولية الطبية أمام القضاء والشريعة الإسلامية، ثم بحثت في طبيعة التزام الطبيب اتجاه المريض والآراء القانونية المختلفة حول ذلك من كونه التزام ببذل عناية أم بتحقيق نتيجة، وبينت الدراسة أن التزام الطبيب هو التزام ببذل عناية من حيث الأصل وبتحقيق نتيجة استثناءً، وعرضت أبرز هذه الحالات، وعنايته ليست كأي عناية بل إنها يجب أن تكون يقظه صادقة متفقه مع الأصول العلمية المستقرة.

وفي الفصل الثاني تم تناول النظام القانوني لمسؤولية الطبيب المدنية، حيث بحثت في المبحث الأول شروط المسؤولية المدنية للطبيب، وهي الخطأ والضرر وعلاقة السببية بينهم، وتم تناول عنصر الخطأ بشكل عام لغة وقانوناً وتعريف الخطأ الطبي (الفعل الضار) وهو الركيزة الأساسية لموضوع الدراسة وأيضاً موقف المشرع الفلسطيني والأردني الذي يقيم المسؤولية على أساس الضرر وليس الخطأ، والخطأ الطبي بشكل عام يتعلق بانحراف الطبيب عن سلوكه وإخلاله بواجبه في بذل العناية اليقظة. وانتقلت إلى موقف القضاء من مسألة التدرج في الخطأ الطبي حيث استقر الرأي أن الطبيب يسأل عن كل أخطائه التي يرتكبها اتجاه مريضه بشرط ثبوتها ثبوتاً كافياً. وبحثت في مسألة معيار الخطأ الطبي والآراء المختلفة حول ذلك، وهو معيار الشخص العادي أي سلوك الطبيب العادي الوسط من نفس التخصص ونفس المستوى العلمي للطبيب المخطئ. وعرضت أبرز صور الخطأ الطبي، وتناولت بعد ذلك مسألة إثبات الخطأ الطبي والتي تقع على عاتق المضرور (المريض) والصعوبات التي يعانيها في الإثبات بسبب ما يتعلق بالخبرة، والتي ترتبط بموضوع الزمالة بين الأطباء، والاتجاهات القانونية حول هذه المسألة.

وتم تناول الضرر الطبي وتعريفه وأنواعه وشروطه وهو ما يصيب الشخص بحق من حقوقه أو بمصلحة مشروعه له سواء كان ذلك الحق أو تلك المصلحة متعلقة بسلامة جسمه أو ماله أو عاطفته أو شرفه أو حريته أو اعتباره، ويكون إما مادي أو معنوي، ويختلف من شخص لآخر، وأيضاً علاقة السببية بين الخطأ والضرر وتعريفها واثياتها، والتي تخضع للقواعد العامة للمسؤولية المدنية وعلى المريض أن يثبت وجودها، والنظريات الفقهية بشأنها وهي ثلاث نظريات مختلفة متعلقة بها وهي نظرية تعادل الأسباب ونظرية السبب المنتج ونظرية السبب الأقوى، وقطعها يكون إما بالحادث الفجائي، القوة القاهرة، أو خطأ المضرور أو خطأ الغير.

وبعد ذلك عرضت في المبحث الثاني آثار المسؤولية المدنية للطبيب وهي ما يتعلق بمسألة تأديب الأطباء وتعويض المرضى، حيث أنه إذا ثبت وقوع الخطأ الطبي من جانب الطبيب اتجاه المريض يرتب ذلك مسؤولية تأديبية على الطبيب من قبل الجهة المسؤولة عنه، وكذلك فإن المضرور يستحق التعويض عن الأضرار التي لحقت به مادية كانت أم معنوية، وأوضحت في البداية تعريف المسؤولية التأديبية بشكل عام وبعد ذلك المسؤولية التأديبية للأطباء وما يتعلق بسلوكهم اتجاه المهنة والمريض، وفي النهاية تم تناول العقوبات التأديبية التي يتم ايقاعها من قبل الجهات المختصة على الأطباء، وبعدها انتقلنا إلى التعويض وتعريفه، وكذلك أنواعه وهي التنفيذ العيني والتعويض بمقابل، وتقدير التعويض، والتي تكون وفقاً لحالة المضرور وقت صدور الحكم، ومتى يستحق التعويض. وفي النهاية بحثت في أفضل الحلول لمشكلة المسؤولية الطبية وهي التأمين من المسؤولية الطيبة وآلية ذلك.

النص الكامل

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق